حكم شيخ الإسلام على ( أحاديث ) أشتهرت على ألسنة ( القصاصة ) !

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شيخ الإسلام ابن تيمية الحراني : الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، أما بعد : فقد سئل شيخ الإسلام - قدس الله روحه - عن ( أحاديث ) يرويها ( القصاص ) ، وغيرهم بالطرق وغيرها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟
• منها ما يروون أنه قال : ( أدبني ربي ؛ فأحسن تأديبي ) . فأجاب : الحمد لله ، المعنى الصحيح ، لكن لا يعرف له إسناد ثابت .
• ومما يروونه عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( لو كان المؤمن في ذروة جبل قيض الله له من يؤذيه ، أو شيطانًا يؤذيه ) . فأجاب : الحمد لله ، ليس هذا معروفًا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - .
• ومما يروونه عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( لو كانت الدنيا دمًا عبيطًا كان قوت المؤمن منها حلالاً ) . فأجاب : الحمد لله ، ليس هذا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا يعرف عنه بإسناد ، ولكن المؤمن لا بد أن يتيح الله له من الرزق ما يغنيه ، ويمتنع في الشرع أن يحرم على المؤمن ما لا بد منه ، فإن الله لم يوجب على المؤمنين مالا يستطعيونه ، ولا حرم عليهم ما يضطرون إليه من غير معصية منهم . قاله وكتبه أحمد بن تيمية .
• ومما يروونه عنه - صلى الله عليه وسلم - عن الله : ( ما وسعني سمائي ولا أرضي ، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا مذكور في الإسرائيليات ، ليس له إسناد معروف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومعنى ( وسعني قلبه ) الإيمان بي ومحبتي ومعرفتي ، ولا من قال : ( إن ذات الله تحل في قلوب الناس ) ، فهذا من النصارى خصوا ذلك بالمسيح وحده .
• ومما يروونه عنه - صلى الله عليه وسلم - أيضًا : ( القلب بيت الرب ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا كلام من جنس الأول ، فإن القلب بيت الإيمان بالله ومعرفته ومحبته ، وليس هذا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - .
• ومما يروونه عنه - صلى الله عليه وسلم - أيضًا : ( كنت كنزًا لا أعرف ، فأحببت أن أعرف ، فخلقت خلقًا فعرفتهم بي ؛ فعرفوني ) . فأجاب : ليس هذا من كلام الله للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا يعرف له إسناد صحيح ولا ضعيف .
• ومما يروونه عنه - صلى الله عليه وسلم - : ( أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله إذا تكلم مع أبي بكر كنت كالزنجي بينهما ) الذي لا يفهم . فأجاب : الحمد لله ، هذا كذب ظاهر لم ينقله أحد من أهل العلم بالحديث ، ولم يروه إلا جاهل أو ملحد .
• ومما يروونه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ) . فأجاب : هذا حديث ضعيف ، بل موضوع عند أهل المعرفة بالحديث ، لكن قد رواه الترمذي وغيره ، ومع هذا ؛ فهو كذب .
• ومما يروون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أن الله يتعذر للفقراء يوم القيامة ، ويقول : وعزتي وجلالي ما زويت الدنيا عنكم لهوانكم علي ، لكن أردت أن أرفع قدركم في هذا اليوم ، إنطلقوا إلى الموقف ؛ فمن أحسن إليكم بكسرة أو سقاكم شربة من الماء أو كساكم خرقة إنطلقوا به إلى الجنة ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا الشأن كذب لم يروه أحد من أهل العلم بالحديث ، وهو باطل مخالف للكتاب والسنة بالإجماع .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - : ( أنه لما قدم المدينة في الهجرة خرجت بنات النجار بالدفوف وهن يقلن : طلع البدر علينا من ثنيات الوداع . إلى آخر الشعر ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : هزوا كرابيلكم - بارك الله فيكم - ) . فأجاب : أما ضرب النسوة الدف في الزواج ، فقد كان معروفًا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأما قوله : ( هزوا كرابيلكم - بارك الله فيكم - ) ، فهذا لا يعرف عنه - صلى الله عليه وسلم - .
• ومما يروون عنه أنه قال : ( لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان الناس لرجح إيمان أبي بكر على ذلك ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا ما جاء معناه في حديث معروف في السنن أن أبا بكر - رضي الله عنه - وزن هذه الأمة ؛ فرجح .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( اللهم إنك أخرجتني من أحب البقاع إلي ، فإسكني فى أحب البقاع إليك ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا باطل بل ثبت في الترمذي وغيره أنه قال لمكة : ( والله إنك لأحب بلاد الله إلى الله ) ، وقال : ( إنك لأحب البلاد إلي ) ، فأخبر أنها أحب البلاد إلى الله وإليه .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - : ( من زارني وزار أبي إبراهيم في عام واحد دخل الجنة ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا حديث كذب موضوع ، ولم يروه أحد من أهل العلم بالحديث .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - : ( فقراؤكم ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا اللفظ ليس مأثورًا ، لكن معناه صحيح ، وأن الفقراء موضع الإحسان إليهم فبهم تحصل الحسنات .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - : ( البركة مع أكابركم ) . فأجاب : الحمد لله ، قد ثبت في الصحيح من حديث جبير أنه قال : ( كبر ، كبر ) أي : يتكلم الأكبر ، وثبت من حديث الإمامة أنه قال : ( فإن استووا - أي : في القراءة والسنة والهجرة - فليؤمهم أكبرهم سنًا ) .
• ومما يروون أيضًا : ( الشيخ في قومه ؛ كالنبي في أمته ) . فأجاب : الحمد لله ، ليس هذا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما يقوله بعض الناس .
• ومما يروون أيضًا : ( لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لأعتدلا ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا مأثور عن بعض السلف ، وهو كلام صحيح .
• ومما رووا عن علي - رضي الله عنه - : ( أن أعرابيًا صلى ونقر صلاته ، فقال له علي : لا تنقر صلاتك ، فقال له الأعرابي : لو نقرها أبوك ما دخل النار ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا كذب . ورووه عن عمر ، وهو كذب .
• ومما يروون عن عمر - رضي الله عنه - أنه قتل أباه . فأجاب : هذا كذب ، فإن أبا عمر - رضي الله عنه - مات في الجاهلية قبل أن يبعث الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
• ومما يرون عنه - صلى الله عليه وسلم - : ( كنت نبيًا ، وآدم بين الماء والطين ، وكنت نبيًا وآدم لا ماء ولا طين ) . فأجاب ، الحمد لله هذا اللفظ كذب باطل ، ولكن اللفظ المأثور الذي رواه الترمذي وغيره أنه قيل : يا رسول الله ! متى كنت نبيًا ؟ قال : ( وآدم بين الروح والجسد ) ، وفي السنن عن العرباض بن سارية أنه قال : ( أني عند الله لمكتوب خاتم النبيين ، وأن آدم لمنجدل في طينته ) .
• ومما يروون أيضًا : ( العازب فراشة من النار ، ومسكين رجل بلا أمرأة ، ومسكينة امرأة بلا رجل ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولم أجده مرويًا ولم يثبت .
• ومما يروون أن إبراهيم - عليه السلام - لما بنى البيت صلى في كل ركن ألف ركعة ، فأوحى الله تعالى إليه : ( يا إبراهيم ! أفضل من هذا سد جوعة أو ستر عورة ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا كذب ظاهر ليس هو في شيء من كتب المسلمين .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( إذا ذكر إبراهيم وذكرت أنا فصلوا عليه ثم صلوا علي ، وإذا ذكرت أنا والأنبياء غيره ؛ فصلوا علي ثم صلوا عليهم ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا لا يعرف من كتب أهل العلم ولا عن أحد من العلماء المعروفين بالحديث .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - : ( من أكل مع مغفور له غفر له ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا ليس له إسناد عن أهل العلم ولا هو في شيء من كتب المسلمين ، وإنما يروونه عن سالم ، وليس معناه صحيحًا على الإطلاق ؛ فقد يأكل مع المسلمين الكفار والمنافقون .
• ومما يروون أيضًا : ( من أشبع جوعة أو ستر عورة ضمنت له الجنة ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا اللفظ لا يعرف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
• ومما يروون : ( لا تكروهوا الفتن فإن فيها حصاد المنافقين ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا ليس معروفًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
• ومما يروون : ( سب أصحابي ذنب لا يغفر ) . فأجاب - رحمه الله - : هذا كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد قال تعالى : ﴿ إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء ﴾ .
• ومما يروون : ( من علم أخاه آية من كتاب الله فقد ملك رقه ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا كذب ليس في شيء من كتب أهل العلم .
• ومما يروون عنه : ( آية من القرآن خير من محمد وآله ) . فأجاب : الحمد لله ، القرآن كلام الله منزل غير مخلوق ؛ فلا يشبه بالمخلوقين ، واللفظ المذكور غير مأثور .
• ومما يروون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( أنا من العرب وليس العرب مني ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - .
• ومما يروون عنه أيضًا : ( اللهم أحيني مسكينًا ، وأمتني مسكينًا ، وأحشرني في زمرة المساكين ) . فأجاب : هذا يروى لكنه ضعيف لا يثبت ، ومعناه : أحيني خاشعًا متواضعًا ، لكن اللفظ لم يثبت .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( إذا سمعتم عني حديثًا ؛ فأعرضوه على الكتاب والسنة ، فإن وافق فارووه ، وإن لم يوافق فلا ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا مروي ؛ ولكنه ضعيف عن غير واحد من الأئمة كالشافعي وغيره .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( يا علي ! اتخذ لك نعلين من حديد وأفنهما في طلب العلم ولو بالصين ) . فأجاب : الحمد لله ، ليس هذا ولا هذا من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( يقول الله تعالى : لا قوني بنياتكم ، ولا تلاقوني بأعمالكم ) . فأجاب : الحمد لله ، ليس هذا اللفظ معروفًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
• ومما يروون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( من قدم إبريقًا لمتوضيء ؛ فكأنما قدم جوادًا مسرجًا ملجومًا يقاتل عليه في سبيل الله ) . فأجاب : هذا ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا يعرف في شيء من كتب المسلمين المعروفة .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - : ( يأتي على أمتي زمان ما يسلم بدينه إلا من يفر من شاهق إلي شاهق ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا اللفظ ليس معروفًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( حسنات الأبرار سيئات المقربين ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا كلام بعض الناس ، وليس هو من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( ستروا من أصحابي هدنة : القاتل والمقتول في الجنة ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا اللفظ لا يعرف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
• ومما يرون عنه : ( إذا وصلتم إلى ما شجر بين أصحابي ؛ فإمسكوا ، وإذا وصلتم إلى القضاء والقدر ؛ فإمسكوا ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا مأثور بإسناد منقطع ، وماله إسناد ثابت .
• ومما يرون عنه - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا كثرت الفتن ؛ فعليكم بأطراف اليمن ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا اللفظ لا يعرف .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( من بات في حراسة كلب بات في غضب الرب ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا ليس من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - : ( أنه أمر النساء بالغنج لأزواجهن عند الجماع ) . فأجاب : ليس هذا عنه - صلى الله عليه وسلم - .
• ومما يروون عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( من كسر قلبًا ؛ فعليه جبره ) . فأجاب : الحمد لله ، هذا أدب من الآداب ، وهذا اللفظ ليس معروفًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكثير من الكلام يكون صحيحًا لكن يمكن أن يقال عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - مالم يقدح ، إذ هذا اللفظ ليس بمطلق في كسر قلوب الكفار والمنافقين إذ به إقامة الملة .
والله أعلم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرا إلى يوم الدين ، وعلى آله وأصحابه وأزواجه والتابعين .

" مجموع الفتاوى " : (18/375)

0 comments:

Post a Comment